العلماء يكتشفون سببًا جديدًا لتطور الزهايمر بمساعدة الذكاء الإصطناعى
تأثير الذكاء الإصطناعى فى تطور مرض الزهايمر
ستجد فى هذا المقال
العلماء يكتشفون سببًا جديدًا لتطور الزهايمر بمساعدة الذكاء الإصطناعى
العلماء يكتشفون سببًا جديدًا لتطور الزهايمر بمساعدة الذكاء الإصطناعى
باستخدام الذكاء الاصطناعي.. اكتشاف دور جديد لجين PHGDH في تطور مرض الزهايمر
كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في 23 أبريل 2025 في مجلة Cell، عن دور مفاجئ وجوهري للجين PHGDH في تطور مرض الزهايمر، حيث لم يَعُد يُنظر إليه كمجرد مؤشر بيولوجي على وجود المرض، بل كمشارك مباشر في آلياته، من خلال تعطيل تنظيم الجينات داخل الدماغ.
وقد استعان فريق البحث في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الجينية والخلوية المعقدة، واكتشفوا أن نشاط جين PHGDH يتسبب في اضطرابات تنظيمية على مستوى الحمض النووي، تؤدي بدورها إلى تغيرات في وظائف الخلايا العصبية تُمهّد للإصابة بالزهايمر. ويُعد هذا النشاط مختلفًا كليًا عن دوره الإنزيمي المعروف سابقًا في تصنيع السيرين (حمض أميني مهم لوظائف الدماغ).
الزهايمر.. المرض الغامض
يعاني قرابة واحد من كل تسعة أشخاص فوق سن 65 عامًا من مرض الزهايمر، وهو الشكل الأكثر شيوعًا للخرف. وبينما تم ربط بعض الحالات بطفرات جينية محددة، لا تزال الغالبية العظمى من الحالات غير مفسّرة وراثيًا، ما يُصعّب عملية التشخيص المبكر والعلاج الفعال.
وتُمثّل نتائج هذه الدراسة تحولًا في فهم العلماء للزهايمر، حيث تفتح الباب أمام نماذج جديدة للعلاج قد تركز على تعطيل تأثيرات جين PHGDH التنظيمية، بدلًا من استهداف نشاطه الإنزيمي فقط.
أهمية الذكاء الاصطناعي في البحث الطبي
يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا متزايدًا في تسريع الاكتشافات الطبية، خاصة في الأمراض المعقدة مثل الزهايمر، حيث ساعد في رصد أنماط جينية دقيقة يصعب على الإنسان تتبعها يدويًا. وتُعد هذه الدراسة مثالًا واضحًا على كيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تعيد صياغة فهمنا للأمراض العصبية المزمنة.
تابع فريق البحث بقيادة البروفيسور Sheng Zhong، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، تحليل الجين PHGDH من خلال دراسة معمّقة، كشفت عن تفاصيل دقيقة حول دوره في تطور مرض الزهايمر. وأظهرت النتائج أن ارتفاع مستويات التعبير الجيني لهذا الجين يتزامن مع تقدم الحالة المرضية، في حين أن خفض مستوياته لدى الفئران أدى إلى تراجع في شدة أعراض المرض، وهو ما يُعد دليلًا مباشرًا على أن PHGDH ليس مجرد مؤشر حيوي، بل جين سببي فعلي يساهم في نشوء الزهايمر وتطوره.
ما هو التعبير الجيني؟
يُشير مصطلح التعبير الجيني (Gene Expression) إلى عملية تحويل المعلومات الوراثية في الجين (DNA) إلى منتج وظيفي، مثل بروتين أو إنزيم. هذه العملية حيوية لفهم العديد من الأمراض، حيث إن زيادة أو نقص نشاط جينات معينة يمكن أن يؤدي إلى اختلالات وظيفية، كما هو الحال في السرطان، والأمراض العصبية مثل الزهايمر.
الذكاء الاصطناعي يكشف بُنية خفية
ولفهم كيفية تأثير PHGDH على تطور المرض، استخدم الفريق أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لنمذجة البنية ثلاثية الأبعاد للجين، ليكتشفوا أن له بنية فرعية تشبه تلك الموجودة في عوامل النسخ – وهي بروتينات تتحكم في تشغيل أو إيقاف الجينات داخل الخلايا. هذا الاكتشاف كان مفاجئًا، إذ لم يكن معروفًا من قبل أن لجين PHGDH قدرات تنظيمية على الحمض النووي.
تأثير مباشر على الدماغ
تشير الدراسة إلى أن هذه الوظيفة التنظيمية الجديدة للجين تؤثر مباشرة على شبكات الجينات في الدماغ، ما يؤدي إلى اختلالات عصبية تُمهّد الطريق لتطوّر الزهايمر. وهذا يعيد توجيه الأنظار إلى إمكانات علاجية جديدة تستهدف هذه البنية أو تُقلّل من نشاطها في مراحل مبكرة من المرض.
تصريحات قائد الفريق
وقال Sheng Zhong معلقًا على الاكتشاف:لم يكن بالإمكان التوصل إلى هذا المستوى من الفهم بدون تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي ساعدتنا على نمذجة البنية ثلاثية الأبعاد للجين بدقة عالية. هذه النتائج تُغيّر الطريقة التي نفهم بها الزهايمر من الأساس.
الجزيء العلاجي NCT-503: نهج جديد واعد في مكافحة الزهايمر
بعد أن حدد الباحثون الدور السببي لجين PHGDH في تطور مرض الزهايمر، توجهت جهودهم نحو ابتكار وسيلة علاجية تستهدف مصدر الخلل الجيني، بدلًا من الاكتفاء بمحاولة إزالة تراكمات بروتين بيتا-أميلويد، وهي الطريقة التي ترتكز عليها معظم العلاجات الحالية.
وكانت النتيجة اكتشاف جزيء علاجي واعد يُعرف باسم NCT-503، يتميز بقدرته على تثبيط النشاط التنظيمي الضار لجين PHGDH، دون أن يتداخل مع دوره الطبيعي في إنتاج حمض السيرين الأميني، وهو عنصر أساسي في وظائف الدماغ.
ميزات الجزيء NCT-503
من بين أبرز خصائص هذا الجزيء العلاجي:
-
القدرة على عبور الحاجز الدموي الدماغي، وهي عقبة تواجه الكثير من الأدوية التي تُستهدف بها الأمراض العصبية.
-
تحسّن واضح في الوظائف الإدراكية والسلوكية، حيث أظهرت التجارب على نموذجين من فئران الزهايمر أن الفئران التي عولجت بـ NCT-503 أظهرت:
-
تحسنًا كبيرًا في الذاكرة
-
انخفاضًا في مستويات القلق والتوتر
-
آفاق جديدة لعلاج الزهايمر
صرّح البروفيسور Sheng Zhong قائلًا:
“لدينا الآن جزيء علاجي يُظهر نتائج واعدة جدًا، وقد يمهد الطريق لتطوير فئة جديدة تمامًا من العلاجات القائمة على الجزيئات الصغيرة لاستهداف الزهايمر.”
ويمتاز هذا النهج العلاجي الجديد بإمكانية تناول هذه الجزيئات عن طريق الفم، وهو ما يُعد تقدمًا كبيرًا مقارنةً بالعلاجات الحالية التي تعتمد في الغالب على الحقن الوريدي، مما يزيد من راحة المريض ويُحسّن الامتثال للعلاج.
الخطوة التالية
بحسب الفريق البحثي، فإن الخطوة التالية تتمثل في تحسين الخصائص الدوائية للجزيء NCT-503، تليها دراسات ما قبل السريرية، تمهيدًا لبدء إجراءات الموافقة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وهو ما يُقرب هذا الاكتشاف من التحول إلى علاج فعلي يُغير حياة ملايين المصابين بالزهايمر حول العالم.
نقلة نوعية في فهم الزهايمر: من الأعراض إلى الجذور الجينية
يمثل هذا الاكتشاف تحولًا جذريًا في الطريقة التي يتعامل بها العلماء مع الزهايمر. فبينما كانت معظم الجهود السابقة تركز على معالجة النتائج الظاهرة للمرض مثل تراكم البروتينات السامة أو فقدان الخلايا العصبية، توجه هذا البحث نحو السبب الجزيئي الجذري المتمثل في الاضطراب التنظيمي الجيني الناتج عن PHGDH.
العلاج الدقيق (Precision Medicine) يدخل ساحة الزهايمر
يُعد استهداف جين PHGDH مثالًا حيًا على مفهوم “الطب الدقيق”، الذي يركّز على معالجة المسببات البيولوجية الخاصة بكل مريض، بدلًا من تطبيق علاجات موحدة. وقد يساعد هذا النهج في:
-
تمييز المرضى الذين قد يستفيدون أكثر من العلاج عبر فحص مستويات التعبير الجيني لـ PHGDH.
-
منع تطور المرض مبكرًا عند اكتشاف ارتفاع في التعبير الجيني قبل ظهور الأعراض.
-
تقليل الأعراض الجانبية مقارنة بالعلاجات التي تستهدف وظائف دماغية أوسع.
لماذا هذا الاكتشاف مختلف؟
على عكس النظريات السابقة التي كانت ترى الزهايمر مرضًا ناتجًا عن “تلف لاحق” في الدماغ، يُثبت هذا البحث أن المرض قد يبدأ من اضطراب في “برمجة” الجينات نفسها، قبل حتى ظهور أي أعراض سلوكية أو إدراكية. وهذا يدعم ما يُعرف بـ:
-
فرضية التنظيم الجيني في الأمراض العصبية
-
ويفتح المجال لفحص جينات أخرى يحتمل أن تؤدي أدوارًا مشابهة في أمراض مثل الشلل الرعاش (باركنسون)، والتصلب الجانبي الضموري (ALS).
نظرة مستقبلية: هل نحن أمام لقاح جيني للزهايمر؟
بينما لا يزال الأمر في مراحله المبكرة، إلا أن نجاح الجزيء NCT-503 يشجع على تطوير:
-
أدوية استباقية تُعطى للأشخاص المعرضين وراثيًا للمرض.
-
وربما حتى لقاحات جينية في المستقبل، تهدف إلى تعديل أو كبح الجينات المُسببة مثل PHGDH قبل أن تبدأ عملية المرض.